جاء في تعريف جونيه عند منتصف القرن التاسع عشر للمعلم بطرس البستاني في الجزء السادس من دائرة المعارف : ” جونيه موقع بساحل كسروان , به مخازن , ودكاكين , ومصبغة , تأتيه السفن والقوارب بالغلال وغيرها , وتجارة الحبوب فيه رائجة كثيراً . وبه سميت ناحية من نواحي القضاء المذطور. قراها صربا وغادير وحارة صخر , وعدد سكانها 2500 نفس . وليس في جونيه بيوت للسكن , بل انما هي أشغال يقوم به قوم من سكان القرى المجاورة “.

ربطت جونيه بالمناطق بطرق شقت للعربات , فاتصلت ببكركي وما فوقها في عهد داود باشا مترف جبل لبنان , وربطت بغزير بطريق ” كاروسة ” بين عامي 1867 و 1868 رغم معارضة وعصيان أهالي غزير , وربطت جنوباً بطريق عربات حتى البترون في عهد واصا باشا(1883-1892 ).

سنة 1892 اتصلت ببيرون بواسطة خط حديدي , كان له 6 محطات بين المدينتين , منها 3 في جونيه وضواحيها : محطة صربا , محطة جونيه , محطة معاملتين نهاية هذا الخط , مما سهل نقل الركاب والبضائع من والى ولاية بيروت.

سنة 1906,كان في جونيه , حسب كتاب دليل لبنان , لابراهيم بك الاسود 2400 نسمة من الموارنة , وكعمل حرير خاصة الخواجات نصر , وخنق دود قز خاصة موسى دي فريج , ومعملاً حرير خاصة ورثة رزق الله وعبد الاحد خضراء, يحتويان على 190 دولاباً وكان انتاجها من الشرانق 10 آلاف اقه , ومن الحوانات الداجنة 330 وعدد عرباتها 80.سنة 1896 , وصل عدد الدكاكين المكزنة سوقها الى اكثر من 300 دكاناً و5 معامل حرير و3 خانات ومطحنة ومعصرتين ومعمل ثلج اصطناعي , ومصرف عرف باسم صاحبه,” بنك باغوص “, ومجموعة من ورش بناء السفن الشراعية الصغيرة.

في سنة 1914, وحسب سجلات قائمقامية كسروان , كان يوجد في بلدة غادير 433 مؤسسة تجارية وعدد سكانها1263 نسمة, وفي بلدة صربا 213 مؤسسة تجارية وعدد سكانها 1714 نسمة , وفي حارة صخر 165 مؤسسة تجارية وعدد سكانها 808 نسمة ,وفي ساحل علما 21 مؤسسة تجارية وعدد سكانها 187 نسمة. وكانت قد عفت ازدهاراً ملحوظاً بعدما سمح لها بفتح ميناء للمراكب التجارية بدعم من فرنسا والبطريركية المارونية وبسعي من فعاليتها ليصبح ( مع مرفأ النبي يونس على ساحل الشوف ) المرفأ الرسمي لمتصرفية جبل لبنان سنة 1913.

وفي سنة 1990 ومع توقف الاعمال الحربية , لم تعد جونيه تلك المدينة الصغيرة التي كانت تسمع هدير البحر, وبيوتها القرميدية محاطة بالبساتين الحالمة , بل باتت مدينة ساحلية مكتظة بالسكان في غابات من الباطون دون ان يكون لها شاطىء ينبسط عليه الموج.

جونيه على مشارف الالف الثالث ومطلع القرن الحادي والعشرين تتطلع بعقلها وبكل ثقة الى المستقبل , تاركة قلبها وذكرياتها وحنينها في قرن كبرت فيه قبل أوانها .في قرن لا يحمي من الذاكرة . وهي تعد اليوم 18 الف ناخباً , ويقدر عدد المقيمين في ضواحيها وبلداتها بمئتي الف نسمة , وتشير التقديرات المستقبلية ان جونيه في منتصف القن الحادي والعشرين , ستصبح ضاحية من ضواحي بيروت , في خط ساحلي سيشكل مدينة واحدة تمتد على طول الاوتوستراد , في وقت سيصل فيه تعداد سكان لبنان بحدود 2025 الى حوالي 6 ملايين نسمة.

 الأستاذ واكيم بو لحدو