جونيه “عروس الشاطئ اللبناني” كما وُصفت في وثائق القرن التاسع عشر ØŒ إسمها مشتقٌ من الآرامية gonia واليونانية guine  ما يعني الزاوية لوقوعها على الطرف الجنوبي لخليج هو بمثابة ميناء طبيعي إعتبره المستشرقون كالأب لامنس اليسوعي والمؤرخ إرنست رينان وعضو الأكاديمية الفرنسية موريس باريس من أجمل خلجان العالم . وفي تعريف للمعلم  بطرس البستاني في القرن التاسع عشر جاء عن جونيه على أنها موقع بساحل كسروان ØŒ به مخازن ودكاكين ومصبغة ØŒ تأتيه السفن والقوارب بالغلال وغيرها. وتجارة الحبوب  فيه رائجة كثيراّ . قراها صربا وغادير وحارة صخر وساحل علما وعدد سكانها 2500 نسمة ليس فيها بيوت بل إنما اشغال يقوم بها قوم من سكان القرى المجاورة“.

وحتى القرن الثامن عشر كانت هذه القرى موجودة على سفح جبل حريصا ومشرفة على سهول مدينة جونيه التي عُرفت بسهول النواعير لكثرة المياه الجوفية فيها.

 أبصرت  سوق جونيه النورعام 1804 ، عندما أقام الأمير حسن شهاب شقيق الأمير بشير شهاب الثاني حوانيت ومخازن في أروقة المدينة لتصريف منتجات الحرير وتعزيز تجارته ، فوضع ميزاناً خاصاً للحرير للمضاربة على ميزان ذوق مكايل . كما واشتهرت أسواق المدينة القديمة بأعمال تخزين المواد الغذائية وتوزيعها في ظلّ الحكم العثماني.

 في الذاكرة الحقيقية للتاريخ إن الزائر لهذه المدينة أو العابر فيها كانت تعبق في أنفه رائحة زهر الليمون ، وعلى مدى نظره تتناثر بساتين الخضار التي ترتوي من مياه النواعير ، فالزراعة ظلّت ناشطة في سهول المدينة لغاية العام 1975 حيث تلاشت المساحات الزراعية أمام الهجمة العمرانية لتحلّ المباني مكان الحدائق والسهول.

وللتاريخ حصّة هامة في جونيه، والدليل أن الأبنية الأثرية تتوزع بكثافة في أرجاء المنطقة وتحدد المنطقة المصنفة تراثية  بالجزء البحري من المدينة والممتدّ من محيط الملعب البلدي في حارة صخر ومدخل المرفأ في صربا الشير وتشمل هذه الخطّ الداخلي الذي كان يربط بيروت بطرابلس قديماً حتى العام 1964 تاريخ إنشاء الأتوستراد الحالي المعروف بالـ A1 كما وتشتمل المنطقة على ابنية تراثية تشكل وحدة معمارية رائعة بُنيت بشكل متناشق على جهتي الشارع الرئيسي ويعود تاريخ بناء هذه المنطقة الى القرن التاسع عشر.

وقد شكلّت هذه الأبنية نواة مدينة جونيه وفي مطلع القرن العشرين عُرفت هذه المنطقة بالميناء الجديدة في جزئها الجنوبي وبالميناء القديمة بجزئها الشمالي .وإذا كان الأمير حسن شهاب قد أنشأ سوق جونيه والميناء القديمة فإن الفضل في إنشاء الميناء الجديدة يعود للرئيس فؤاد شهاب فهو من أرسى التصاميم العصرية ليكون راعي النهضة الحديثة لمدينة جونيه . حيث وبعد إنتخابه رئيساً للجمهورية عام   1958 أسّس لمدينة حديثة تكون مركزاً للقضاء  فاستدعى خبراء التنظيم المدني وتُذكر من أهمّ إنجازاته الحديثة للمدينة شقّ اوتوستراد نهر الكلب جونيه عام 1966 إنشاء مرفأ جونيه عام 1968 ، شقّ طرق في سهل المدينة بين السّكة والبحر وهذا ما عُرف  بمشروع الضمّ والفرز ، كما أنشأ الملعب البلدي وسرايا جونيه والتلفريك فضلاً عن وضع التصميم التوجيهي للبناء في جونيه وضواحيها.

Â